الصحراء الـآن - هشام عمر


  صدحت يوم أمس، حناجر مواطنات عطاشٍ؛ في إحتجاج يطالبن فيه بالغيث المدني، وعن قطرة ماء جفت منها صنابير بيوتهن، وهن يصرخن بأعلى صوت، طلبًا لحل مشكل توفير الماء، بعد إنقطاع دام؛ حتى قطع وِصال الصبر، وبعد إنتظار طــال؛ آن أن يفهم أحد المنتخبين نفسه، ويتكلف بِدوره المنُوط به لإيصال لب المُشكل، لمن هم في مقدمة المسؤولية حول هذا “الجفــاف” الذي تعانيه مدينة الداخلة، حاضرة جهة وادي الذهب.


في الظروف العادية هذا هو المُنْتَظر، وفي الظروف غير العادية، حيث لا صوت للشعب في المجالس المنتخبة؛ وللأسف لا آذان لمنتخبينا، وليس لديهم لنا سوى خيبة أمل؛ نعود بها بدلا من حملهم لهذا الهم نحو الإدارات المركزية، أو البحث هناك عن حل؛ للمشكل الذي إضطرت النسوة للخروج علنًّا يحملن “قنينات ماء فارغة” يقرعن بها الآذان الصماء، ويُرددن شعارات عفوية حول هذه الأزمة التي تؤرق بالهنَّ، ولهن الحق في ذلك، فهن ربات البيوت والماء عصبُ الحياة.


ما بال جدار الصمت أصبح أسمك من جدران المكاتب، ما بال من أعطاهم المواطن صوته، لا يسمعون صوته؛ فطيلة أسبوعين من المشكل لم تَنْطِق أفواه المنتخبين، بِبِنْتِ شَفَةٍ، ماعدا وللأمانة مُنتخب واحد لن نأتي على ذكر إسمه، حتا لايقال أنه تمجيد له وتبخيس للآخرين!.


لقد طالت غفوتهم، وإن لم نقل أنها سبات عميق، فذالك حتى لا يقال أننا تسرعنا الحكم عليهم، وهم يجلسون على كراسي “مزالت بالميكا”، وأننا لم نعطيهم الفرصة الكافية لدراسة المشكل، وإستفسار الوزير المكلف بقطاع الماء، وإستفسار المدير العام للمكتب الوطني للقطاع.


إن ما تعانيه الداخلة اليوم من “جفاف”، لا عَزاء عِنده من أبناء الداخلة، الذين زغردت لهم النسوة بإنتصارهم في معركة الإستحقاقات الأخيرة، وكان ردهم لجميل من أجلسوهم على تِلك الكراسي الصمت المُمَطط، والنظرُ أمام مشكل، لايُمكن بأي حال من الأحوال أن يكونوا على غير علم به، وكان بإمكانهم فعل الكثير فيه، وزلزلة قبتي البرلمان بغرفتيه بمشكل “عدم وجود الماء” وليس “إنقطاعه”، لتعلم رُبوع المملكة جَمِيعُها بذلك، قبل أن نضطر ونُعلن بأنفسنا أننا في منطقة منكوبة وجافة.. منطقة يُحاصرها البحر تموت بالعطش، في زمن مشاريع "التحلية"، ولكن يبدوا أن منتخبينا لا يعرفون سوى تحلية شايِهم وقهوتهم من دِماء الساكنة!.


يَحُز في القلب مُخاطبتهم حول موضوع يعرفونه جيدا، ونستغرب صمتهم تجاهه وهم يعون جيدا المعاناة مع الجفاف، وليَسمح لنا جُموع القراء أن نخاطبهم باللهجة الحسانية التي يفهمونها أكثر، لنقول لهم "رَانْكُمْ مَانْكُمْ أخْلاكَة فَالڤِيلات وَالشَاطُوَات مَاكَنْتُوا تَعَرفُوهَمْ، وثَلْثَيَنْ مِنْكُمْ اَخْلاكَة فلخيام (ولاهي مسلة تعيبكم)، وتعرفوا حَتَّا مَشَقَةْ المِيراد، وَاليُومْ وَاجَبْكُمْ تَتْحَمْلُوا شَوَيْ مِنْ المَسْؤولِية فَالدِفَاعْ عَنْ دَشْرِتْكُمْ، لَعَلاَ اِيفُوتْ الوَقْت ويَنْطَابِقْ أعْلِيكُمْ المثل الحساني "مَزْغُوبَة صَرَّة عَاگِبْ الصَيْفْ".

مواضيع قد تعجبك